تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

اقتصاد البلدة القديمة في الخليل يتهاوى

      بعد مرور شهر على اندلاع الحرب بين دولة الاحتلال وقطاع غزة الفلسطيني تأثر الاقتصاد الفلسطيني تأثراً بالغاً، وكان للبلدة القديمة من مدينة الخليل - ذات الوضعية الخاصة- بسبب إقدام سلطات الاحتلال على فرض نظام منع التجوال على مناطق واسعة من البلدة ومنها الحرم الإبراهيمي الشريف ومحيطه، ترافق ذلك حملة مسعورة من جيش الاحتلال من فرضه اجراءات قمعية على السكان وتضييق الخناق والاعتداء عليهم وعلى بيوتهم ومنعهم من مغادرة منازلهم لمزاولة أعمالهم وشؤون حياتهم اليومية .

  ويشير مدير عام لجنة اعمار الخليل الاستاذ عماد حمدان ان  القسم المتبقي من البلدة القديمة والذي لا يخضع لنظام منع التجوال؛ فهو يتمثل أساساً في السوق الشعبي الممتد من ساحة باب البلدية القديمة وصولاً إلى الحرم الإبراهيمي الشريف ويرفده شارعا الشلالة الجديد والشلالة القديم بالزخم الحيوي ، هذا القسم ولقربه من البؤر الاستيطانية كان قد فقد منذ سنوات حيويته ونشاطه الاقتصادي لأسباب تتعلق بإجراءات الاحتلال وتعديات المستوطنين، ولكن بجهود كبيرة وعلى مدار سنوات طويلة من الجهد والعمل الدؤوب من قبل لجنة إعمار الخليل في موجهة تلك التحديات فنجحت في تطوير البنية التحتية للسوق وترميم المحلات التجارية وعملت على تعزيز صمود التجار فيها وأقامت المهرجانات الاقتصادية والفعاليات الثقافية لإعادة الحياة للبلدة القديمة وأسواقها وخاصة بعد جائحة كورونا التي كبحت لفترة ما جماح الانتعاش الاقتصادي في هذه البلدة العتيقة .

  ويضيف حمدان أن خيم نظام منع التجول في الثامن من الشهر الماضي بدون سابق إنذار وبدون أي مبررات، حتى انعكس ذلك سلباً على باقي الأجزاء التي لا تخضع مباشرة لمنع التجوال فتداعت آثار ذلك على السوق الشعبي فيها والأسواق التي ترفده القديم ، فأغلقت غالبية المحلات التجارية في هذا السوق أبوابها نتيجة عدم إقبال المواطنين على التسوق منه، وأيضاً نتيجة لتوقف الحركة السياحية الداخلية والخارجية والسياحة الدينية وخاصة توقف قدوم أهالينا من أرضينا المحتلة عام 1948 لزيارة الحرم الإبراهيمي وللتسوق من البلدة القديمة، ففقد السوق رونقه شيئاً فشيئاً وبدأت المحلات التجارية تغلق أبوابها وتقلص ساعات عملها تدريجياً حتى أضحت اليوم نسبة المحلات المغلقة تتراوح من 70 – 80% من مجمل المحلات التجارية والحرفية .

   كمان اشار حمدان  إن فرض نظام منع التجوال على مناطق واسعة من البلدة القديمة أدى إلى تغيب  وتوقف العمال عن أعمالهم والتجار عن تجارتهم والحرفيون عن مزاولة حرفهم محولاً إياهم إلى متعطلين عن العمل وتوقف دخلهم  المادي .

    وقد ذكر السيد بدر الداعور وهو صاحب محل خزفيات وتحف في البلدة القديمة لقسم البحث الميداني في المكتب القانوني التابع للجنة إعمار الخليل بأن السياحة توقفت تماماً منذ اليوم الأول لإعلان نظام منع التجوال على مناطق من البلدة القديمة ، كما توقفت حركت المواطنين القادمين للصلاة اليومية أو لصلاة الجمعة في الحرم الإبراهيمي وهذه المحلات كانت تعتمد في تسويق منتجاتها وبضائعها على السياح والزوار والمصلين ، واليوم تبدو البلدة القديمة كمدينة أشباح  .

    التاجر منذر الشوامرة صاحب بقالة ومحلات حلويات قال أن الحركة الاقتصادية كانت تبشر بالخير في الآونة الأخيرة قبل شهر "اكتوبر" وخاصة بعد نجاح عدد من المهرجانات التي أحيتها لجنة إعمار الخليل كمهرجان العنب الخليلي وإحياء ذكرى المولد النبوي، إلا أن ما حدث بعد ذلك وبشكل مفاجئ أدى إلى توقف كل الأنشطة الاقتصادية (سياحية ، تجارية ، إنتاجية) دفعةً واحدة وهذا حدث خطير يهدد قدرة العشرات من أصحاب المحلات التجارية على الصمود خاصة أنهم يدفعون أجرة محلاتهم التجارية وعليهم التزامات مادية لموردي بضائع الجملة .

     علاء الحداد صاحب بقالة قرب الحرم الإبراهيمي ذكر أيضاً أن هناك خشية من أن يطول الحصار وأضاف بأنه وزملاؤه من التجار يفتحون أبواب محلاتهم لمدة لا تتعدى الساعتين في اليوم حتى يسمحوا بتهوية محلاتهم ولكي لا تفسد بضائعهم المكدسة داخل تلك المحلات .

     كما أعرب محمد سدر صاحب معمل حلقوم" سدر عن مخاوف وخشية جماعية لدى كافة التجار في البلدة القديمة من أن يطول هذه الحصار ويولد مشاكل اقتصادية كبيرة للتجار أصحاب المحلات وأسرهم وللعمال وللعديد من القطاعات في البلدة القديمة سواء التجارية أو الإنتاجية

     لجنة إعمار الخليل اعتبرت ما جرى من إعلان منع التجوال من قبل جيش الاحتلال وفرضه على الحرم الإبراهيمي الشريف ومحيطه وعلى سكان المناطق ذات التماس مع البؤر الاستيطانية وبدون أي مبرر لذلك؛ إنما يأتي هذا في إطار المخططات الاستيطانية الهادفة والرامية إلى السيطرة على الحرم الإبراهيمي ومحيطه والضغط على السكان لترحيلهم من أماكن سكناهم في قلب البلدة القديمة .

     وتحذر لجنة إعمار من استغلال المستوطنين وسلطات الاحتلال للظرف السياسي والأمني الحالي الذي تعيشه فلسطين لتنفيذ مخططاتهم التهويدية للبلدة القديمة من مدينة الخليل، خاصة أنه قد جرى بالفعل تفريغ مناطق وترحيل سكان تجمعات سكانية والاستيلاء عليها جنوب مدينة الخليل، لذا فإن هناك خشية حقيقية لدى لجنة إعمار الخليل من إطلاق يد المستوطنين في البلدة القديمة فيعملون على طرد السكان الفلسطينيين والاستيلاء بالقوة على بيوتهم ومحلاتهم ، وتحقيق حلمهم في إقامة بلدية خاصة بالمستوطنين وفرض السيادة الإسرائيلية عليها .